نستشعر من الأحاديث النبوية الشريفة تشدُّد النبي صلى الله عليه وسلم وتجريمه وإنكاره بذكر اللعن من الله في موضوع تشبُّه الرجال بالنساء وبالعكس ، كما نلمس حرصه صلى الله عليه وسلم على محاربة بوادر هذا الأمر لما قد يفضي إليه في عدد من الأحاديث النبوية الشريفة، كقوله صلى الله عليه وسلم عن أبي سعيد الخدري (لَعنَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم المُتَشَبِّهين مِن الرِّجال بالنساء، والمُتَشَبِّهَات مِن النِّساءِ بالرِّجالِ) رواه البخاري. وفي حديث نبوي آخر عن أَبي هُريْرةَ رضى الله عنه قال: (لَعنَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الرَّجُلَ يلْبسُ لِبْسةَ المرْأة، والمرْأةَ تَلْبسُ لِبْسةَ الرَّجُل)، رواه أَبوداود بإسنادٍ صحيحٍ.
ويمكن أن نفهم من هذين الحديثين النبويين الشريفين أنه صلى الله عليه وسلم استقبح ولعن حتى التَّشَبُّه في الملابس أو نعومة الصوت أو خشونته، والذي هو أقل تصَرُّف يمكن عمَلُه، وهذا أمر مهم، فمجرد التَّشَبُّه مصدر لهنة؟؟ لهذا المتشبِّه.
ثم يوصلنا صلى الله عليه وسلم إلى مرحلة أعمق من مجرد التَّشَبُّه.. إلى الوضوح التام في هذه القضية وهي قضية التَّخَنُّث، ففي صحيح البخاري عن ابن عبَّاسٍ رضي اللَّه عَنْهُما قَالَ: (لَعَنَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم المُخَنَّثين مِنَ الرِّجالِ، والمُتَرَجِّلاتِ مِن النِّساءِ).
فالتَّخَنُّث والاسترجال ليسا مجرد التَّشَبُّه في الملابس أو ما شابه ذلك فحسب، وإنما كما يمكن أنْ نفهم من الأحاديث النبوية الشريفة أنَّ التَّخَنُّث والاسترجال قضية أبعد عمقًا من مجرد تغيُّر في الملابس أو بعض السلوكيات، وإنما هو انحراف تامٌّ عن الفطرة الإنسانية والبشرية والبيولوجية. وحتى في علم الجينات وغيرها من العلوم البيولوجية فإن الرجل هو رجل بكل ما يحمل من قدرة جسمانية وعضلية وهيكل عظمي وجيني، والمرأة هي امرأة بكل ما فيها من قدرة جسمانية وعاطفية وعضلية وهيكل عظمي، فجسم الرجل وجيناته تختلف عن جينات المرأة بصورة كبيرة، لذلك فإنه من الخطورة بمكان الخَلْطُ بين هذه المفاهيم وربْطها بالشذوذ، فالعملية ليست مجرد ممارسة الاتصال الجنسي مع أيِّ طرف كان، فهو ليس مجرد عملية بيولوجية فحسب وإنما هو عملية عاطفية سلوكية وجدانية فضلاً عن كونها ممارسة بيولوجية.
ولا نعرف بالضبط متى بدأت حركة الشذوذ الجنسي تتسرب بين البشر، إلا أننا نعتقد أن الحالات الأولى تعود للحضارات القديمة، علماً بأن السرديات التاريخية لا توضح الكثير فيما عدا ما ورد في القرآن الكريم حول قوم سيدنا لوط عليه السلام، ولكن ما إنْ بدأت سبعينيات القرن العشرين حتى بدأت تظهر بوادر بعض الصراعات بين رجالات الفكر والشواذ بما في ذلك في دول الغرب التي يشيع وينتشر فيها التحرُّر من كل نوع، فقد قام الباحث كنيسيون بنشر مقال في المجلة الموسومة (الشذوذ الجنسي) عام 1980 ينعت فيه هؤلاء الأفراد بالإثم والفسوق والدعارة، وما إلى ذلك من نعوت. فتزايد عندها الاشمئزاز من هذا الشذوذ وتعالت صيحات الهجوم والإدانة له وخاصة بعد انتشار مرض الإيدز في الغرب.
على أنه في الخمسين سنة الأخيرة شهدت أوروبا وأمريكا الشمالية بالتحديد حركات احتجاجية قوية، لكنها هذه المرة احتجاجات على إدانة الشذوذ ومطالبة بـ(الاعتراف) به وتخفيف أو إلغاء كافة القيود القانونية والاجتماعية والأخلاقية الناتجة عن هذه الإدانة. وقد أفضت تحركات هذه الحركات الاحتجاجية إلى اعتراف الموسومة الجمعية الطبية الأمريكية النفسية بالشذوذ! وإعلان أنه ليس مرضًا حتى يعالَج، وعندئذ تحول مصطلح (الشاذ) إلى مصطلح (مِثْلِي الجنس)، بغية التخفيف من حدة الحركات الاحتجاجية.
وفي عام 1994 بُدِيء في إقامة احتفال سنوي للشاذين جنسيًا في الولايات المتحدة الأمريكية، ومنذ ذلك الحين سرى وانتشر هذا المسعى في الكثير من الدول ولاسيما الأوروبية، واعتُمِد (يوم وطني) للمجاهرة به في الولايات المتحدة خلال شهر أكتوبر، وتحديدًا في 11 أكتوبر، فيما اعتُمِد بالمملكة المتحدة خلال شهر فبراير، تزامنًا مع احتفال كبير بإلغاء المادة (28) لسنة 2005 من القانون المحلي 1988 الخاص بإنجلترا وويلز واسكتلندا، التي منعت السلطات المحلية من تعزيز الشذوذ الجنسي والذي كان ينص على (لا يجوز لها أن تروج للمثلية الجنسية عن قصد أو أن تنشر موادًا بقصد تعزيز المثلية الجنسية).
وربما يكون من أظهر ما عزَّز من حصول أولئك الشاذِّين جنسيًا على بغيتهم المنكَرة مطالبة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما في خطاب له من المحكمة العليا الأمريكية بـ(مساواة) الأزواج الشاذين جنسيًا في كاليفورنيا بأقرانهم من الأزواج العاديين!!
واليوم ومع انزلاق الغرب الأوروبي والأمريكي في هوة هذا الانحلال البغيض يحاول أن يُصَدِّر لنا هذا الانحدار الأخلاقي والبيولوجي؛ بغرض تحطيم وتهشيم قيمنا وأفكارنا وديننا، معتمداً في ذلك العديد من الأفلام والمسلسلات الهوليودية والغربية بصفة عامة، وهو لم يكتف بذلك وإنما يريد أن يسربها كأمر طبيعي مُسَلَّم به ويغلغلها لعقول وأذهان أطفالنا وجيلنا الصاعد وبشكل خاص من خلال لعبة كرة القدم ومبارياتها كونها الرياضة الأكثر شهرة وانتشاراً وشيوعاً في العالم، واعتبار من يرفض ذلك ويعترض عليه متطرفاً وإرهابياً ويقف ضد حرية الرأي!
من متابعتنا واستقرائنا لكل ما يجري يحاول الغرب بكل جهد ومن غير كلل أو ملل أن يزرع في عقول أجيالنا فكرة أن الشذوذ الجنسي أمر حضاري! وأن الأخلاق والقيم عبء! وأن الزواج الطبيعي ليس تمامه مهما لأنه عبء كذلك! وأن العلاقات الجنسية – أيًا ما كانت – يمكنها أن تتم خارج حدود الفطرة البشرية، فإذا كان القصد من الزواج التقليدي إشباع الرغبة الفطرية في الجنس وأن تزرع بذرة لتنجب طفلاً، فإنه لم يعد من الضروري اليوم أن تتزوج من الجنس الآخر لتنجب طفلاً وإنما يمكن للرجل أن يتبرع بالحيوانات المنوية لبنك الأجنة، وتتبرع المرأة من طرفها ببويضاتها لنفس البنك، فيحدث التلقيح في المختبر وتحت ظروف صحية مُحكَمة! فيتكون الجنين! وأنه ليس للعلاقات الجنسية علاقة بالزواج وإنجاب الأطفال بأية صورة كانت! وأنه في المقابل يمكن إشباع الرغبة الفطرية الطبيعية في الجنس عن طريق الشذوذ الجنسي الفاحش (الذكور مع الذكور والإناث مع الإناث) ليس إلا! هذه هي الفكرة المنكَرة والانحدار السفلي اللذين يحاول الغرب أن يروج لهما وينشرهما في مجتمعاتنا بل وشتى المجتمعات البشرية.
وبعيدًا عن الأخلاقيات والقيم السوية، فإن هذه العلاقات الشاذة المنحرفة المنكرة ترتبط بالعديد من الجوانب الصحية والنفسية، فهي تتسبب من الناحية النفسية في الكثير من الاضطرابات النفسية والاكتئاب وربما الإحباط، وأما من الناحية الصحية فيكفي أنها ذات يوم كانت سببًا في تفشي وانتشار مرض (الإيدز) بين الشواذ من الطرفين، ناهيك عن أمراض السيلان والزهري والتهاب الكبد الوبائي والعديد من الأمراض التي تتسرب وتنتشر من بوابة الجنس غير السوي، واليوم نزل على الساحة مرض جنسي جديد معد هو جدري القرود وينتشر بين الشواذ.
ومهما يكن من أمر فإن الحياة الأُسَرِية القائمة على مبدأ الارتباط بين الجنسين الذكر والأنثى تؤدي إلى إزالة الكثير من التوترات والأمراض المجتمعية والنفسية وحتى الصحية، وقد أثبتت الكثير من الدراسات هذا المبدأ والواقع، وحتى نكون واقعيين هناك الكثير من حالات الطلاق تحدث بين الجنسين والأزواج، وهذا أمر مسَلَّم به، وإذا كان الشواذ يركزون على هذه الفكرة فإن الاضطرابات النفسية والاجتماعية التي تصاحب العلاقات الشاذة القائمة على الجنس الواحد دائمًا ما تكون مضافة إلى كل المشاكل الناجمة من الأسر القائمة على مبدأ الزواج بين الجنسين، إلا أن الغرب الذي يروج لفكرة الشذوذ الجنسي يحاول أن يُخفي أو يتغافل عن كل هذا من أجل ترويج الانحرافات المتفشية في مجتمعاته.
وأما في الإسلام وفي المنهج النبوي الشريف فقد كانت المسألة واضحة لدينا وبدون مواربة، فقوم لوط عليه السلام الذين سلكوا هذا المنهج الشاذ المنكر في الحياة جاءتهم العقوبة المشددة، وليس هم فقط، فنحن لا نعتقد أن القرية كلها كانت شاذة، ولكن نحسب أن بعضًا منهم لم يكن كذلك، وربما منهم زوجة سيدنا لوط عليه السلام نفسها، إلا أنها عوقبت بنفس العقوبة لأنها لم تستنكر هذا الشذوذ بل وكانت مشايعة للقوم، وهذا يعني أنه ليس الشواذ فقط هم المغضوب عليهم وإنما من يقف ويسكت ولا يستنكر هذا الشذوذ هو واحد من مقترفيه، فالقضية في الإسلام ليست مجرد شخصين يمارسان رغبتهما المنحرفة وبطريقتهما الخاصة، أو يلبسان ملابس الجنس الآخر، وإنما هو مرض مجتمعي نفسي يدمر الحياة والإنسان والمجتمع والأخلاق وكل القيم الإنسانية السوية، لذلك تجب محاربة هذه الظاهرة لا أن يُفسح المجال للانتشار كما يريد الغرب زعماً منه وإيهاماً بأنها من الحضارة، فإن كانت هذه هي الحضارة فنحن لا نريدها لأنها ممارسة بهيمية، وعجبًا عجباً فإن الحيوانات نفسها ترفض الشذوذ، فلم نسمع قطُّ أن الحيوانات تمارس الشذوذ الجنسي، فما بال هذا الإنسان؟!
عندما جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم لتناول الطعام مرة وجد أن يد الصحابي الغلام (عمر بن أبي سلمة) رضي الله عنه تطيش في الإناء، فقال صلى الله عليه وسلم بكل هدوء ومن غير غضب أو زجْر بهدف تعليم الغلام وتعليم الأمة واحدة من أهم آداب تناول الطعام وخاصة ...
قد نصاب جميعنا بالقُرْف عندما نتحدث عن موضوع البول والغائط، ولكن هل نعتقد أنه من قبيل الصدفة أن يُطلَب منك عيِّنة من البول أو البراز عندما يريد الطبيب الكشف عن بعض الأمراض التي تعانيها ؟ في دراسة لنيل درجة الماجستير بعنوان (الوقاية الصحية في السنة ا...
تناولنا بالشرح في العدد الماضي الأهمية العلمية والصحية للوضوء بصورة عامة، ثم عرّجنا إلى موضوع الأهمية العلمية والصحية من غسل الوجه، وكذلك الأهمية العلمية والصحية من غسل اليدين إلى المرفقين. ونعلم أن الوضوء لم يكتمل بعدُ عند هذه الخطوات، لذلك سنواصل ف...
ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم أنه قال "الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيمَانِ"، وعندما فسر الإمام النووي معنى الطهور في كتابه (المجموع شرح المهذب) قال: "وأما الطهارة في اصطلاح الفقهاء فهي إزالة حدث أو نجَس أو ما في معناهما وعلى صورتهما"، وبن...
وجدت مجموعة من الدراسات أن الثِّقَل الميكروبي الذي يعيش في الأحوال الطبيعية بالفم متعدد الأنواع ومختلف الأشكال والأحجام، إلا أنه وُجِد أن فم الجنين وحتى الوليد في لحظاته الأولى قبل أن يتناول الطعام أو أن يشرب الحليب عادة ما يكون خالياً من البكتيريا، ...